Monday, February 4, 2008

قصة تختلف

بسم الله الرحمن الرحيم..
لم أستشعر قبلا هذه الصعوبة فى الكتابة
.. صحيح أنى شعرت أن قبل ذلك أن كلماتي تعصاني
..لكن أن أعجز عن امتلاك كلماتي
.. هذا ما لم أشعر به قبلا
..وهو شعور ما أبشعه لمن اعتاد سيادة كلماته مثلى
..لكنى تعلمت أن أقاوم هذا الشعور
.. و كم طالت فترة المقاومة هذه المرة
..لكن فى النهاية ها أنا ذى امتطى صهوة كلماتى من جديد
. أشعر أن اللجام ثقيل فى يدى هذه المرة
.. ربما لأنى أعرف مسبقا المسؤولية الرهيبة الملقاة على عاتقى هذه المرة
..مسؤولية قصة تختلف
..تختلف عن كل ما قد كتبت
.و كل ما سأكتب
.. لأنها قصة من نسيج حى
.. لأنها قصة كتبتها نبضات قلب
.. قلب.. رحل
هذه المرة تختلف..
………………قصة..تختلف!



سحبت يدى ببطء من بين يديه الباردتين….و أخذت أتأمل ملامحه الساكنة للمرة الأخيرة..

للحظة من اللحظات شعرت بانفصال تام عن هذا العالم.. سكون رهيب غلف المكان حولى.لا أدرى كيف حملتنى أقدامى إلى خارج المكان..استندت بظهرى إلى الحائط.. أغمضت عيناى علّى أفهم. أستوعب ما حدث تواً.. شعرت بدموعى تتساقط على وجنتى..حزينة.. لا أدرى.. بل على الأحرى لا أشعرربما هى رهبة الموقف و جلاله.. ، أرى وجوها كثيرة تحملق في.. بعضها مشفق على.. و البعض يلومنى.. لكن هناك سمة مشتركة بين الوجوه جميعها.. العيون الدامعة. الحزن المسيطر على الملامحوجوه كثيرة، أذكر بعضا من ملامحها..و البعض الآخر أعرفه من خلال زياراتى.. و البعض الآخر لم أعتقد أنى سأقابله ثانية..أشعر أن لسانى ثقيل.. لا أقوَ على نطق حرف واحد.. أنا أريد فقط أن أسأل من حولى عما يجرى..أين أنا.. من أنا.. من هم.. من هو.. اللون الأسود يغلف المكان.. و الدموع تتزايدبدأ الأمر فجأة .. دون اختيار منى.. و كما بدأ انتهى.. و ما بين بدايته و نهايته زمن لا يتعدى اليوم الواحد.. و ما بين بدايته و نهايته .. انقلبت لدى كل الموازين

!فالبداية كانت..دقات متتالية قلقة على باب البيت.. فى الواحدة بعد منتصف الليل.. إنه خالى، قادم من البلد لتوه.. استقبلته أمى بقلق، فهو لم يعتد زيارتنا فى مثل هذا الوقت..سألنى خالى أن أذهب معه للبلد الآن.. رجته أمى أن ينتظر حتى الصباح.. و استنكرت أنا ذلك بدورى.. و رفضت أن أذهب دون علم ماهية هذه الأحداث المريبة..فشرح بإيجاز.. أن عمى الكبير مريض جدا.. و يريد أن يرانى.. و بعد الربع ساعة كنت أنا و خالى فى السيارة متوجهين إلى البلد..و خلال الطريق.. ساد صمت مطبق بيننا.. إلى أن سألنى خالى.. علياء.. ماذا يربط بينك و بين عبد الرحمن.؟سألت دهشة.. عبد الرحمن من؟قال.. بلهجة توحى بالتشكيك فى سؤالى..عبد الرحمن أخو زوجتى..قلت له.. أنا لم أره فى حياتى الا مرات معدودات يا خال. لكن. ما مناسبة السؤال؟صمت كأن لم يسمعنى.. فكررت السؤال. خالى لماذا تسأل..نظرت إليه فإذا بعينيه مغرورقتان بالدمع.. فسألته.. ماذا هناك بالضبط يا خالى..فكان ما قال بحق أغرب من أن أصدقه لو أنى سمعته يروى على لسان أى أحد..كان ما قاله..أغرب من الخيال.. كان.. لا ينتمى إلى هذا العصر بكل الأحوال….قال.. قال..أن عبد الرحمن يذوب فى عشقا.. فصرت أنا حلمه . صرت أنا كل ما له فى الدنيا.. صارت أحلامى و آمالى جل ما يبتغيه فى دنياه.. كان يعيش و يحقق نجاحاته ليقترب منى و يقرب المسافة بيننا..غمغمت.. أنا؟.؟قال لى نعم.. حتى أنه بدأ يدر س الثانوية العامة من جديد ليلتحق بالجامعة.. حتى يليق بك عندما تنهين دراستك.. ظننا جميعا أنكما على اتصال.. لكنه كان ينفى ذلك .. و يقول انه لن يفاتحك الا بعدما يحقق ما يجعله فارسا لأحلامك.كررت.. أنا.. ؟؟ لكن كيف؟شعرت ساعتها أنى أحلم و أن أحد ما سيوقظنى بعد قليل.. أو أن أحدا ما سيأتى و يقول.. كنا نمزح معك..كل ما كان خالى يتفوه به لم يكن له أى صلة بالواقع..فعبد الرحمن الذى يتحدث عنه خالى.. أنا لم أره فى حياتى الا أربع أو خمس مرات..كان هو ذاك الفتى الريفى الحيي الكريم.. مثال للفتى الريفى الهادئ الملامح و الطباع .. كنت أراه فى بعض زياراتنا لخالى.. و لم أتحدث معه.. الا فيما ندر..كنا نتجول فى الحقل مرة.. فتجاذبنا أطراف الحديث كسرا للملل.. يا الهى.. ماذا يحدث لى.. يعشقنى أنا.. لماذا.. أنا لست باهرة الحسن ولا فريدة عصرى.. انا فتاة عادية.. أحمل أبسط الأحلام..قلت لخالى و كأنى افيق من سبات عميق.. مهلا خالى.. هل لهذا علاقة بذهابنا للبلد الآن..؟قال.عمك بخير.. لكن عبد الرحمن أصيب فى حادث سيارة.. .. و كل ما يطلبه فى أحلك لحظات ألمه.. أن يراك..قلت مستنكرة.. لابد أنك تمزح.. لا ذنب لى أنه أحبنى.. أنا لا استطيع أن أبادله المشاعر فقط لكونه يطلبنى و هو يتألم.. لا أحد يحب أحد شفقة يا خالى..اكتسى وجهه بحزن عجيب.. و قال..ربنا يستر!و لم ينبس ببنت شفة إلى أن وصلنا إلى مستشفى المركز..شعرت بهيبة غريبة تكلل المكان و أنا أخطو فيه.. قابلتنى زوجة خالى باكية. قالت الحمد لله أنكما وصلتما.. و رجتنى. علياء.. استحلفك بالله أن تكونى رقيقة معه. أمنحيه شيء من الحب يا ابنتى أرجوكما بال هؤلاء الناس.. الحب ليس كلمة أقولها فتكون.. انها مشاعر ايها البشر.. كيف تريدوننى أن أخدعه.. أنا لا أكرهه. لكن أكون كاذبة اذا ادعيت الحب.. لابد أن أغادر هذا المكان.. فاعصاببى لم تعتد تحتمل كل هذه النظرات.. كلهم ينظرون إلى و كأنى أنا دواؤه الشافى.. كدت أصرح بكل ما كان يجول بخاطرى.. إلا أننى لم أستطع.. لم اتفوه بكلمة..دخلت إليه فى غرفة العناية المركزة..كانت أمه تحتضن كفه كمن تمنعه من الموت.. نعم.. كانت تخاف ان تترك يده فيترك هو الدنيا.. من الواضح أن إصاباته بالغة.. فكل هذا الكم من الأجهزة و المحاليل و الأنابيب.. لا يكون الا لإصابات بالغة بحق..نظرت إلى جسده المسجى فى صمت.. كان غائبا عن الوعى.. نظرت لى أمه. شعرت أن نظرتها تستجدينى عطفا على ابنها..همست له بضراعة.. انها هنا يا عبد الرحمن أفق.. أفق بالله عليك.. لقد جاءتك..تأملته من جديد..إنه لا يستحق عطفا.. إنه جدير بأن تقع فى عشقه أحلى البنات.. لكن.. لا أدرى.. لابد أن يأتى أحدهم ليوقظنى.. فالحلم طال هذه المرة.. لم اعد أحب هذا الحلم.. فليوقظنى أحد بالله عليكم….لا أدرى كم مر من الوقت و أنا جالسة على كرسى بجوار والدته.. حاولت التخفيف عنها.. لكننى فقدت القدرة على النطق.. حتى هى لم تتفوه كثيرا.. إلى أن فتح هو عينيه.. فقامت امه من على مقعدها لكى أجلس مكانها..بدأ هو بالتطلع فيمن حوله..إلى أن وقعت عيناه على..ساعتها انتفضت من أعماقى.. فتلك النظرة الرائعة التى رفنى بها.. و تلك الابتسامة الفريدة التى ارتسمت على شفتيه..يا الهى.. ابتسامته تلك.. لا أدرى كيف أصفها..ابتسامة أضاءت وجهه كله نورا,, مددت له يدى.. احتضنها بيده..و ازدادت ابتسامته نورا ملائكيا.. ثم صارت نظرته جامدة..خبى بريق ما قيها.. بريق الحياة..أسبل أخوه عينيه و هو ينطق بالشهادتين.. لكن ابتسامته.. يا الهى لا أظن أنها ستفارقنى أبدا..علياء.. علياء.. علياء كلمينى.. علياء.. ابنتى تحدثى.. ابكى يا علياء.. لكن بالله عليك لا تصمتىاخذت أحملق فى خالى..بدأت أسمع الأصوات حولى..يا الهى.. أمه تستجديه أن يعود.. فحلمه هنا.. حلمه ..أناحلم ابنها أمامها و ابنها نفسه مات..فليوقظنى أحدكم.. متى سأستيقظالنحيب يتعالى.. يكاد يصم آذانى.علياء.. اجيبينى.. - هه خالى.. أريد العودة الآن...أوصلنى خالى الأصغر.. لم يزل يجتاحنى ذلك الشعور أنى سأستيقظابتسامته لم تزل تجتاحنى..برودة غريبة تسري فى أوصالى..ترى متى سأستيقظ..قرأت قصصا خيالية كثيرة.. لكن .. هذه القصة بحق … تختلفترى متى سأستيقظ!!
تمت

No comments: